تعليم وتعلم البرهان الرياضي

ثمة صعوبة كبيرة يلقاها معلم الرياضيات والطفل المتعلم في تعليم وتعلم البرهان على حدٍ سواء، فالمعلم يصاب بالإحباط لأنه يبذل جهوداً يراها خارقة ومضنية – وهي كذلك بالفعل - ثم لا يرى في أوراق الطلبة عند تصحيح الأوراق غير الهراء، أما التلميذ فيكره درس الهندسة ويشعر بالملل والإحباط للشعور بالعجز، وبدلاً من تأمل المشكلة والانتباه يفضل تأمل الساعة متثائباً منتظراً لحظة الانعتاق !!

السؤال المهم أين مكامن الخلل في ضعف تعليم وتعلم البرهان الرياضاتي؟ هل يقتصر أثرها المدمر على أداء التلاميذ في مادة الرياضيات فقط، أم أن الأمر أكثر عمقاً مما نتخيل ؟ إنها المناهج التي لا تمهد السبيل بالنظر إلى القضية بصفتها سلسلة عقلية تسافر وتنمو هادئة متراكمة عبر مراحل التعليم، وما هو كائن بالفعل أن طالب الابتدائي ينتقل من المحسوس في نهاية المرحلة ليفاجأ بقمة التجريد العقلي (البرهان) في بداية المرحلة المتوسطة – الإعدادية دون أن يتفاعل سابقاً مع أي خبرات منظمة تشكل بمجموعها مشروعاً فكرياً، بقدر ما تأتي الأمور مصادفة وأحياناً متناقضة في بنية مشرذمة.

ثمة عالم موسوعي جليل هو البيروني شدد على أهمية تمييز أصول العلم، (( ويرى الخطر في عدم بحث هذه الأصول وعدم وضوحها، والتسرع في الدخول إلى التطبيقات الجزئية دون فهم الأصول )) ، وإن كان كذلك، فإن هدف هذه المقالة هو الذهاب عميقاً في أسباب الصعوبات التي تواجه تعليم وتعلم البرهان.

لقد وصفت الواقع وصفا دقيقا.
بالفعل نحن و التلاميذ على السواء نعاني كثيرا عندما يتعلق الأمر بالبرهان ، فرغم أننا نحاول أن نشرح مرارا و تكرارا إلا أننا لا نرى أي تقدم من جهة التلاميذ(باستثناء قلة منهم)، فجلهم لا يرى ضرورة للبرهان كون الأمر واضح في الشكل !!!
أما عند التصحيح فليس الهراء وحده الذي نجده بل جملا (إن صح تسميتها بجمل) لا معنى لها مطلقا.
و الأخطر أن جل التلاميذ يستسلمون و يسلمون باستحالة فهم البرهان من أول فشل لهم، متناسين أن الأمر يتطلب شهورا و ربما سنوات للتمكن من امتلاك المهاراة الرياضية اللازمة في ما يخص البرهان الرياضي.
و في هذا الصدد في إحدى المرات سألني أحد التلاميذ قائلا "أستاذ واش درس التبرهين داخل في الفرض ولا لا" !!! Razz

أترك لكم التعليق

ههههههههههه ... لا حول ولا قوة إلا بالله.
صحيح ما قلته الأستاذ omath:"فجلهم لا يرى ضرورة للبرهان كون الأمر واضح في الشكل !!!" غالبا ما أجد هذه الصعوبة مع التلاميذ.... ودائما أواجههم بـ " لماذا؟؟ "
لكن, كلاكما وصف لنا حقيقة المشكل, والسؤال المطروح: ما هو العلاج؟
أعتقد أن أحد سبل العلاج هو مطالبة التلاميذ بإعطاء الإجابة مرفقة بالتعليل و التعليل يكون مستخرجا من المعطيات, لا أن تعاد المعطيات مثلما يفعل أغلبية التلاميذ, أيضا يمكن التركيز أثناء البرهان على طريقة البرهان حتى نعود التلاميذ على أسلوب سليم للبرهان بغض النظر إن كان صحيحا أم لا.